هي رواية عن المصلح الكبير الطاهر الحدّاد بلسان حبيبته المتخيَّلة.. “إنّ مكانًا لا يُؤنّث لا يُعوّل عليه” هذا ما قاله المتصوّف الكبير ابن عربي، لكنّ أميرة غنيم تنقل القولة إلى حيّز التاريخ، التاريخ الذي كتبته السلطة الذكورية والثقافة الذكورية، فتؤنّث التاريخ. لوحة الغلاف للفنان الجزائري، الصديق رشيد طالبي، وكتب الروائي شكري المبخوت في تعريف الرواية: تلتقط هذه الرواية ببراعةٍ منعرجاتٍ مهمّةً من تاريخ تونس المعاصر، بل تاريخها الراهن أحيانا، وفيها يغدو البحث عن السُّلالة وأسرار «البَلْدِيّة» إيذانًا بالبحث عن الذات ومعنى الوطن وتاريخه، بيد أنّه تاريخٌ آخر يكتب من خلال حكايةٍ مُتخيَّلة بطلُها المصلح الكبير الطاهر الحدّاد. وعلى الرغم من أنّ المراجع التاريخيّة لا تذكر شيئًا عن علاقة الحدّاد بالنساء عدا دفاعه المستميت عنهنّ فإنّ صاحبة الرواية تجزم، بقوّة الخيال، أنّه عشق «للاّ زبيدة». لذلك لن يرى القارئ في المستقبل سيرةَ الحدّاد من غير حبيبته زبيدة. وهذا من سحر التخييل الروائيّ وعلى المؤرّخين أن يكذّبوا الروائيّين إن وجدوا سبيلًا إلى وثيقةٍ أو شهادة وأنّى لهم ذلك. لقد شبّهتُ مرّاتٍ قصّةَ تونس غير المكتوبة بالفسيفساء البديعة لثرائها وفرادتها. وأكبر ظنّي أنّ رواية أميرة غنيم هذه، إذ تروي ببراعةٍ ومعرفةٍ عميقة شيئًا من قصّتنا التونسيّة، ستحتلّ، ولا ريب، موقعاً ممتازاً ضمن مدوّنة السرد العربيّ، وهي إذ تعرض علينا قصّتنا تمنح النساء الصوت الأعلى لروايةِ فصولٍ من تاريخ البلاد السرّيّ، أَفَلَسْنَ هُنّ حافظات الذاكرة الحقيقيّة وفاضحات الذكوريّة البائسة؟